عمان - شووفي نيوز- اجتمع سعادة الدكتور/ بدر المطيري الملحق الثقافي الكويتي رئيس مجلس المستشارين والملحقين الثقافين العرب في مكتبه يوم الثلاثاء الموافق 27/8/2019م مع أعضاء المجلس من المستشارين والملحقين الثقافيين العرب، وقد حضر الاجتماع كلاً من سعادة القائم بأعمال الملحقية الثقافية السعودية الأستاذ/ براهيم السعدان وسعادة المستشار الثقافي العراقي الأستاذ الدكتور/ حيدر زيدان وسعادة المستشار الثقافي الليبي الأستاذ/ عبدالقادر الجالي وسعادة المستشار الثقافي اللبناني الأستاذ/ رامي بشارات ونائباً عن سعادة المستشار الثقافي الفلسطيني الأستاذ/ جمال الخالدي سعادة الأستاذة/ عبير المراغي، ونائباً عن سعادة الملحق الثقافي البحريني الأستاذة/ ندى الحربان سعادة الأستاذ/ محمد رباح.
وقد رحب سعادة الدكتور/ بدر المطيري بأعضاء المجلس مثمناً ثقتهم بانتخابه كرئيس مجلس المستشارين والملحقين الثقافيين العرب في الأردن ومؤكداً على أهمية وقوة المجلس في خدمة أبنائنا الطلبة العرب الدارسين في الجامعات الأردنية، مبيناً بأن هذا المجلس هو امتداد لرؤساء المجلس السابقيين اللذين قاموا بتقديم العديد من الخدمات لهذا المجلس.
وقد تم مناقشة وطرح العديد من القضايا والمشكلات التي تواجه الطلبة العرب خلال فترة دراستهم واقامتهم في الأردن وذلك من شؤون دراسية واكاديمية و أمور متعلقة بالإقامة لطلبة بعض الدول، والتأكيد على ضرورة التنسيق ما بين أعضاء المجلس للوقوف على هذه المشكلات والعمل على حلها من خلال عقد اجتماعات مع الجهات المعنية .
وقد تم التأكيد على ضرورة زيادة قنوات التواصل والتنسيق بين الملحقيات الثقافية من خلال تنظيم فعاليات ثقافية بين الطلبة العرب والأردن الشقيق، لتبادل الخبرات فيما بينهم .
وفي نهاية اللقاء قدم أصحاب السعادة اقتراحاتهم وتوصياتهم فيما يتعلق بعمل المجلس للمرحلة القادمة متمنين لهذا المجلس تحقيق جميع الأهداف التي وضعت من أجله.
موسكو -رفعت شركة الإنتاج الروسية RFG، دعوى قضائية ضد شركة China Film Group، و أرنولد شوارزنيغر وجاكي شان مطالبة بتعويض مالي قدره 216 مليون روبل (أكثر من 3 ملايين و300 ألف دولار).
وطالبت شركة الإنتاج الروسية، التي مولت فيلم "Viy 2"، وحمل عنوان "سر ختم التنين" في النسخة الصينية، ولم تحصل على أي أرباح منه بعد، باسترداد المبلغ المذكور بعد البداية الفاشلة لعرض الفيلم في الصين وهو من بطولة جاكي شان وأرنولد شوارزنيغر.
ويعتقد المنتج الروسي، ألكسي بيتروخين، أن مطالبات شركة الإنتاج الروسية لن تثمر عن شيء، لأن الأموال المخصصة للفيلم لا تعود للشركة أو مستثمرين من القطاع الخاص، بل لصندوق السينما الذي حولها لتمويل الفيلم.
وحصل الفيلم على أكثر من مليوني دولار بقليل، خلال عرضه الأول في الصين بعطلة نهاية الأسبوع. ولن يتمكن الجمهور الروسي من مشاهدة الفيلم إلا في شهر سبتمبر القادم موعد عرضه في البلاد.
المصدر: نوفوستي
في لوحاته يحاول رينيه ماغريت أن يفتح للناظر نافذةً يطلّ من خلالها على الجانب المظلم من العقل.
كان الفنّان ينظر إلى العالم باعتباره معينا لا ينضب من الأسرار والرؤى الشفّافة. ولهذا السبب لم يكن يشعر بحاجة إلى أن يستمدّ من الكوابيس والسحر والهلوسات مواضيع لأعماله.
وكان يرى أيضا أن مجرّد النظر إلى اللوحة يكفي للاستمتاع بها، دونما حاجة للوقوع في فخّ التنظيرات الجامحة والتفسيرات المبتسرة.
وبرأي ماغريت أن الحياة ليست سوى لغز كبير وأن من المتعذّر كسره أو فكّ طلاسمه. وكان يعتقد أن طبيعة الإنسان تدفعه لئلا يرى إلا ما يريد أن يراه أو ما يبحث عنه. ومن ثم فإن إدراكنا مرتبط إلى درجة كبيرة بطبيعة توقعاتنا.
كانت والدة ماغريت امرأة غير سعيدة في حياتها، وقد حاولت الانتحار مرارا.
وفي عام 1912، وكان عمر رينيه لا يتجاوز الثالثة عشرة، غادرت أمّه منزلهم ليلا وعندما بلغت أحد الجسور ألقت بنفسها في مياه النهر.
عندما انتشلت جثّتها بعد أيام، كان جسدها عاريا ووجهها مغطّى بطرف فستانها الذي كانت ترتديه ليلة خروجها من المنزل للمرّة الأخيرة.
وقد رأى ماغريت جثّة والدته عند استعادتها من الماء، ولم تبرح تلك الصورة المزعجة ذاكرته حتّى وفاته.
وبعد مرور سنوات على الحادثة، أي في العام 1928، رسم الفنّان مجموعة من اللوحات التي يظهر فيها أشخاص ُغطّيت وجوههم ورؤوسهم بقطع من القماش.
في هذه اللوحة نرى شخصين يقفان متلاصقين وجها لوجه، وفي نسخة أخرى من اللوحة يظهر الشخصان وهما يقبّلان بعضهما بعضا. والقاسم المشترك بين اللوحتين هو أن الشخوص فيهما بلا ملامح، فقد ُغطّيت رؤوسهم بقطع من القماش الذي يحجب ملامح وجوههم عن الناظر.
ورغم حميمية المشهد وتلقائيته، فقد أصبح رمزا للعزلة والانسحاق والموت.
غير أن غموض اللوحة دفع الكثيرين، ولغايات مختلفة وأحيانا متناقضة، إلى تحميلها بمضامين أخلاقية معاصرة.
فدعاة المثلية الجنسية، على سبيل المثال، يوظفون اللوحة للتعبير عمّا يصفونه بعداء المجتمع تجاههم وتجاهله "لحقوقهم".
والمنظّمات المعنية بمكافحة الايدز تستخدم نفس اللوحة للتحذير من أضرار الممارسات المثلية وأخطارها الكثيرة.
في حين لا يرى بعض نقّاد الفن في اللوحة أكثر من كونها تجسيدا بسيطا ومباشرا للمقولة الشائعة "الحبّ أعمى".
كان معروفا عن ماغريت براعته في تقنية مزج الصور، وكان يردّد دائما أن الكلمات بلا معنى، وأننا نحن من نخلع عليها المعاني التي نريد وبطريقة متعسّفة أحيانا.
وبعض النقاد ممّن درسوا لوحاته قالوا بأنها انعكاس لرغبة الفنان في التعبير عن اعتراضه على رتابة وعبثية الحياة. والبعض الآخر رأوا فيها ما يمكن اعتباره حيلة هروبية ونكوصا عن مواجهة الواقع. والبعض الثالث تحدّث عن دأب ماغريت ومثابرته في توظيف فنّه من اجل كشف بعض المناطق المظلمة والمعقّدة في الطبيعة الإنسانية.
وهناك فريق آخر من النقاد ممّن لا يخفون افتتانهم بجمال مناظره وجاذبيتها رغم كون بعضها مربكا ومستفزّا.
يعتبر بول ديلفو احد الرموز المهمّة في حركة الفنّ الحديث في القرن العشرين. وقد اشتهر بلوحاته السوريالية التي تكثر فيها صور لنساء ذوات عيون كبيرة ومتوتّرة يتحرّكن ويتصرّفن كما لو أنهنّ واقعات تحت تأثير منوّم مغناطيسي. وكثيرا ما يظهرن في محطّات القطار أو يتمشّين داخل مبان كلاسيكية الطابع برفقة رجال غامضين يرتدون القبّعات.
القطارات أيضا من الموتيفات التي تظهر في لوحات ديلفو بشكل متكرّر. ويبدو أن الدهشة لم تفارقه منذ رأى أوّل قطار في حياته في باريس وهو ما يزال طفلا.
ومثل غيره من الرسّامين السورياليين، كان ديلفو يستمدّ مواضيع لوحاته من الأحلام والرؤى. وقد رسم هذه اللوحة اعتمادا على حلم روته له زوجته في احد الأيّام. فقد حلمت أنها رأت مجموعة من عرائس البحر على هيئة نساء يرتدين ملابس طويلة بألوان رمادية وخضراء وهنّ يجلسن قبالة بعضهنّ على كراسٍ مذهّبة في زقاق طويل يقوم على جانبيه صفّان من البيوت الرمادية.
النساء في هذه اللوحة يبدين بلا حراك، بينما يضعن أيديهن فوق ركبهنّ ويحدّقن في المجهول.
الزقاق بدوره يمتدّ إلى آخر اللوحة ويفتح على منظر لشاطئ تحيطه جبال بيضاء. في اللوحة أيضا يظهر رجل وحيد يبدو واقفا قرب جدار في الزاوية التي ينعطف عندها الشارع إلى اليمين. وفي الجانب الآخر من الجدار تظهر عن بعد مجموعة من عرائس البحر وهنّ يقفزن في الماء بعد أن تحرّرن من ملابسهنّّ.
المعنى هنا ليس واضحا تماما. ربّما كان كامنا في العقل الباطن للرسّام وزوجته. واللوحة في النهاية هي محاولة لتصوير حلم يصعب فهمه أو تفسيره.
ولد بول ديلفو في بلجيكا ودرس المعمار والديكور في أكاديمية بروكسل للفنون التي عُيّن في ما بعد مديرا لها.
ويُعرف عنه انه كان مغرما بـ جورجيو دي تشيريكو الذي كان معاصرا له. وكان مثله يعشق مناظر الشوارع الصامتة حيث ظلال البشر الذين لا يمكن رؤيتهم.
كما كان معجبا بمواطنه الرسّام رينيه ماغريت وبأسلوب مزجه الواقع بالخيال في لوحاته. ويقال إن ديلفو كان متأثّرا كثيرا بـ ماغريت. في حين يذهب بعض النقّاد إلى أن ديلفو لم يكن في واقع الحال سوى نسخة باهتة عن ماغريت.
بعض لوحات ديلفو تتّسم بغموضها، وفي بعضها الآخر مشاهد من حنين وإحساس بالصمت والأبدية.
وقد زار الرسّام ايطاليا في وقت مبكّر من حياته وأعجب بمبانيها التاريخية وعكَس حبّه للعمارة في العديد من صوره.
لكن لم يكن أحبّ إلى نفسه من رسم النساء العاريات ذوات الصدور الضخمة وهن يتجوّلن على الشواطئ أو في الطرق المزدحمة أو في الأطلال القديمة تحت ضوء القمر، وأحيانا وهنّ يقطفن الأزهار.
في إحدى لوحاته المشهورة بعنوان فينوس النائمة والموجودة في التيت غاليري بـ لندن، يرسم ديلفو امرأة تنام عارية في ساحة قصر مبنيّ على الطراز الإغريقي. وعند رأس المرأة النائمة تقف امرأة عارية وهي تؤشّر بيدها لامرأة أخرى محتشمة تمرّ عند نهاية السرير بمحاذاة هيكل عظمي لإنسان. وعلى الأرضيّة الرخامية نساء عاريات يؤدّين طقوسا غريبة وأخريات يحلّقن في السماء، بينما يضيء المشهد الليلي نور قمر يشعّ من بعيد.
ديلفو قال انه رسم هذه اللوحة في إحدى الليالي التي كانت تتعرّض فيها بروكسل لوابل من قذائف الطائرات أثناء الحرب العالمية الثانية. تلك اللحظات كانت استثنائية في سايكولوجيّتها وفي كمّية التوتّر والدراما التي صاحبتها. ويبدو أن الرسّام أراد من خلال اللوحة الموازنة بين نقيضين: الهدوء الذي يمثّله منظر المرأة النائمة من ناحية والإحساس بالألم والفجيعة الذي تجلبه الحروب من ناحية أخرى. صحيح أن اللوحة مزعجة إلى حدّ ما، لكنها تتضمّن أيضا نوعا من التعبير الشاعري.
كان بول ديلفو شخصا حالما، ولم يكن يحبّ القراءة كثيرا. كما لم يُعرف عنه تديّنه أو انتماؤه إلى أيّ تيّار أو حزب سياسي. وكان يحتفظ في محترفه بمجموعة من الجماجم البشرية التي كان يرسمها في لوحاته. كما كان معروفا بحرصه الشديد على أن يختار بنفسه، وحسب مواصفاته هو، موادّ وعدّة الرسم التي كان يستخدمها.
زوجته التي ألهمته رسم هذه اللوحة ظهرت في العديد من لوحاته بعينيها الواسعتين ووجهها الكلاسيكي. أما نساؤه العاريات فكان يصوغ ملامحهن على ملامح امرأتين أخريين، إحداهما روسية والأخرى سويدية.
ويمكن القول إجمالا إن مناظر ديلفو السوريالية تخلو من أيّ اثر للعنف أو الكوابيس المخيفة. كان عالمه غريبا، لكنّه مسالم نسبيا.
ومن الواضح انه كان يفهم النساء ويتعاطف معهنّ كثيرا. إحدى القصص التي تُروى عنه تقول إنه أحبّ امرأة وهو في سنّ الثلاثين، لكن والديه رفضا ارتباطه بها. وعندما قابلها بالصدفة بعد أكثر من ربع قرن لم يتردّد في الزواج منها على الرغم من انه كان يشارف على الستّين.
توفّي بول ديلفو عام 1994 عن سبعة وتسعين عاما. ومنذ بضع سنوات احتفلت بلجيكا بذكرى مرور مائة عام على مولده.
يُجمع الكثير من النقّاد على اعتبار جورجيا اوكيف أشهر الرسّامات الأمريكيات وأكثرهن أصالة وابتكارا. وقد عُرفت بلوحاتها التي تصوّر فيها مظاهر الحياة في صحراء نيو مكسيكو الجافّة والقاسية. ومن السهل التعرّف على لوحاتها التي تكثر فيها صور العظام والأزهار والجماجم والصَدَف.
وزمن اوكيف كان الفنانون الأمريكيون توّاقين لاكتشاف الجوهر الحقيقي لبلدهم. وقد وجدت الرسّامة في بعض الرموز الروحانية للهنود الحمر وفي التضاريس الوعرة والجافة للغرب الأمريكي ما يمكن أن يكون تجسيدا للهويّة وللروح الأمريكية.
وكانت الرسّامة قد قرّرت أن تغمر نفسها في تلك الطبيعة الصافية التي حافظت فيها التفاصيل والعناصر على حالتها الأولية الأكثر فطرية ونقاءً.
ولهذا السبب كانت عظام الحيوانات النافقة في الصحراء تمثل بالنسبة للرسّامة مصدر فتنة وإلهام. كانت تجوب الصحراء وترسم الجماجم والهياكل العظمية التي لوّحتها وصقلتها أشعّة الشمس الحارقة. ولم تكن اوكيف ترى في العظام رمزا للموت على غرار ما كان يعتقد معاصروها، بل عنصرا مهمّا من عناصر جمال الصحراء الخالد واللانهائي. ولطالما جذب الرسّامة وألهب خيالها جلال وغموض الطبيعة الصحراوية بتكويناتها الجيولوجية الغريبة وألوانها الصارخة ونباتاتها الغريبة وأضوائها الصافية التي ظلت تعكف على رسمها طوال حياتها.
وضمن هذا السياق رسمت اوكيف هذه اللوحة التي يعتبرها الكثيرون أشهر لوحاتها وأكثرها انتشارا. بل لقد أصبحت في ما بعد أيقونة ترمز لطبيعة الحياة في مناطق الغرب الأمريكي. وقد شرحت الفنانة ظروف ومغزى رسمها للوحة عندما قالت: كنت أحدّق في التلال قبالة بيتي لأسابيع وارسمها المرّة تلو الأخرى. كنت أراها من بعيد عبر النافذة بينما كانت السماء تمطر. وبدا لي أن المشهد سيكون أفضل لو ضمّنته جمجمة خروف وزهرة".
في اللوحة تبدو الجمجمة اقرب إلى جمجمة الجاموس أو الثور منها إلى جمجمة الخروف. ويخيّل للناظر كما لو أنها تنبعث من الأرض بعد أن كانت كامنة هناك منذ الأزل. أيضا ممّا يلفت الانتباه في اللوحة منظر القرنين والزهرة اللذين يمكن أن يكونا رمزا لاتحاد الجنسين. وثمّة احتمال أن تكون اوكيف رسمت هذين العنصرين في اللوحة وفي ذهنها بعض المعتقدات والأفكار التي كانت شائعة لدى بعض الشعوب القديمة.
فمنذ القدم، كان يُنظر إلى القرون باعتبارها رمزا للذكر استنادا إلى الأسطورة الفرعونية القديمة عن آمون إله الخصوبة الذي كان يُصوّر برأس خروف وجسم إنسان. بينما الزهرة رمز لـ فينوس أو افرودايت آلهة الخصوبة الأنثوية عند اليونان.
كانت جورجيا اوكيف، كما سبقت الإشارة، مفتونة كثيرا بعظام الحيوانات الميّتة وكانت تسمّيها أزهار الصحراء. وقد أصبحت ثيمة ثابتة في العديد من لوحاتها المشهورة.
وبخلاف وجهة النظر التي تنظر إلى جماجم الحيوانات كرمز لزوال الحياة وحتمية الموت، كانت اوكيف ترى فيها دليلا على تجدّد الحياة وانبعاثها وعلى استمرارية الوجود واتصال الحاضر بالماضي.
كانت اوكيف شخصيّة محورية ومثيرة للجدل في الفنّ الأمريكي. وقد ظلّت على الدوام بمنأى عن التغييرات والاتجاهات التي طرأت على الفنّ وبقيت مخلصة لرؤيتها الفنية الخاصة التي كانت تعتمد على دراسة خصائص الشكل وعلى البحث عن الأشكال التجريدية والمهمّة في الطبيعة.
ومن الصعب إحصاء عدد المرّات الكثيرة التي استُنسحت فيها لوحاتها التي تتخذ من الصحراء والزهور موضوعا لها. وقد تأثرت في بواكير حياتها بـ كاندينسكي وكتابه المشهور "الروحانية في الفن" الذي تحدّث فيه عن الانفعالات الداخلية للفنان. وفي بعض الأوقات عملت أستاذة للرسم في أكثر من جامعة. كما سافرت كثيرا خلال حياتها وشملت رحلاتها بلدان الشرق الأقصى والهند وأوربا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط.
وقد كانت اوكيف وزميلاتها من الفنانات مهتمّات بإعادة تعريف هويّة المرأة الحديثة واكتشاف الأفكار المتغيّرة عن الأنوثة في الحداثة. وعُرف عنها تعطّشها للمغامرة والاستقلالية وتحقيق الذات. وكان أسلوب حياتها وطريقة تعبيرها عن نفسها انعكاسا لجسارتها وقوّة شخصيتها وروحها الحرّة والمتمرّدة. وكانت دائما تؤثر العزلة والابتعاد عن الناس والأضواء. ومما يؤثر عنها قولها: لو كان البشر أشجارا لكنت أحببتهم بطريقة أفضل".
وقالت ذات مرّة ما يمكن أن يكون تلخيصا بليغا لشخصيّتها وأسلوب فنّها: كنت أقطف الأزهار أينما وجدتها وأجمع الحجارة والصدف وقطع الخشب التي كنت أحبّها. وعندما أجد عظاما بيضاء جميلة في الصحراء كنت آخذها معي إلى البيت. وقد استخدمتُ كلّ هذه الأشياء لأعبّر عن رحابة وغرابة هذا العالم كما عشت فيه".
وفي منتصف العشرينات، رسمت اوكيف سلسلة من اللوحات التي تصوّر فيها أزهارا بطريقة تجمع بين التجريد والسوريالية. وقد عمدت إلى تكبير بَتَلات وأوراق الأزهار لتملأ رقعة الرسم. وأسهمت تلك اللوحات في ترسيخ مكانة الفنانة وشهرتها كرسّامة حديثة ومبتكرة. غير أن بعض النقاد رأوا في تلك اللوحات مضمونا جنسيا عندما تقصّدت الفنانة رسم الأزهار على هيئة قريبة من الأعضاء الأنثوية. وهو التفسير الذي ظلت اوكيف تنفيه وترفضه باستمرار.
في أواخر حياتها توقفت اوكيف عن الرسم اثر تدهور صحّتها وإصابتها بالعمى. وكان أكثر ما يحزنها أنه لن يكون بوسعها بعد ذلك أن ترى الريف الجميل "إلا إذا كان كلام الهنود الحمر صحيحا وأن روحي ستمشي على هذه الأرض بعد موتي".
وفي مارس من عام 1986 توفيت جورجيا اوكيف عن عمر ناهز التاسعة والتسعين. وإنفاذا لوصيّتها، أحرقت جثّتها وذُرّ رمادها فوق صحراء نيو مكسيكو التي ربطتها بها علاقة عشق وكانت ملهما لمناظرها الغامضة والمليئة بالرؤى والرموز.
ذات مرّة، وصف الشاعر والناقد شارل بودلير الرسّام اوجين ديلاكروا بأنه آخر الرومانتيكيين وأوّل الحداثيين.
وربّما كان ديلاكروا آخر الرسّامين العظماء الذين اقترب فنّهم من مفهوم الحداثة. لكن لم يكن له سخرية مانيه ولا شكوك سيزان. ويبدو كما لو انه كان قانعا بالمتعة التي كان يرسم بها وبفكرة الفنّ من اجل الفنّ.
ومع ذلك كان ديلاكروا فنّانا استثنائيا في زمانه. وقد استطاع أن يرسم لوحات دينية مثيرة للمشاعر على الرغم من انه هو نفسه لم يكن متديّنا.
لوحاته مزيج من العنف والعاطفة والإغراء: حريم، انتحارات جماعية، معارك، مذابح، وملائكة وغير ذلك. كان يرسم كلّ شيء بحساسية فائقة وبفهم غير عاديّ لوظيفة الألوان.
ويقال أحيانا انه ما من رسّام آخر تمتّع بنفس تأثير ديلاكروا ونفوذه الدائم والمستمرّ. كان رسّاما منضبطا وثائرا. ولوحاته الأدبيّة، أي تلك التي استوحاها من روايات، فيها تطرّف وعاطفة واضطراب، وبعضها يثير الخوف، لكنّها مع ذلك جميلة ومعبّرة على الدوام.
وكان هناك من الرسّامين من ينظرون له نظرة إجلال وتقديس مثل غوستاف مورو وغوغان واديلون ريدون الذي التقاه مرّة في حفل وفُتن بملامحه الجميلة وبتحفظّه وانعزاليّته.
رينوار أيضا أحبّ ألوان ديلاكروا ورسم نسخا من لوحاته الجزائرية. ومانيه وفان غوخ كانا أيضا معجبَين بسطوع ألوانه وأناقتها الواضحة. وقد استلهم الانطباعيّون ومن أتوا بعدهم طريقته المتفرّدة في توظيف واستخدام الألوان.
ومصادر إلهام ديلاكروا تأتي في الأساس من الأحداث التاريخية أو المعاصرة ومن أعمال الأدب. روايات السير والتر سكوت مثلاً، بأفكارها الغرائبية والعنيفة، كانت ذات شعبية كبيرة عند الرسّامين الأوربّيين الرومانتيكيين. ورغم تحفّظ ديلاكروا على قيمتها الأدبية، إلا انه وفي مناسبات عديدة وجد في بعض تلك الكتابات شيئا من الإلهام.
في هذه اللوحة، يرسم ديلاكروا منظرا من رواية ايفانهو لسكوت والمنشورة عام 1819م. كان ايفانهو نبيلا انجليزيا وفارسا مخلصا للملك ريتشارد الأوّل الملقّب بقلب الأسد.
وقد عاد ايفانهو بصحبة الملك سرّا إلى انجلترا بعد انتهاء الحروب الصليبية وبعد سجن ريتشارد في النمسا، لأنه وأثناء غياب الملك قام أخوه جون، وبمساعدة من نبلاء النورمان، بالاستيلاء على عرش انجلترا.
وقد قام ايفانهو بدور مشهود في إلحاق الهزيمة بفرسان الأمير جون وعلى رأسهم كلّ من برايان دو غيلبيرت وريجينالد دو بوف.
لكن بطريقة ما، تمكّن هذان الأخيران من اعتقال ايفانهو الجريح ووالده وسجنوهما في إحدى القلاع. وكان مسجونا في تلك القلعة أيضا تاجر يهوديّ مع ابنته الجميلة التي تُدعى ريبيكا.
كان دو بوف قد وقع في حبّ المرأة ثم اختطفها وحبسها في القلعة على أمل أن يتّخذها خليلة. لكن أثناء حرق ونهب القلعة، التي تبدو في خلفية اللوحة، حُملت ريبيكا بعيدا على يد عبدين وبناءً على أوامر من دو غيلبيرت الذي كان واقعا في هواها هو الآخر.
وهذا هو الجزء الذي رسمه ديلاكروا من الرواية، حيث صوّر الدراما المكثّفة من خلال الخطوط والألوان الساطعة. واللوحة تُظهر الرسّام وهو في أوج إبداعه وتألّقه، كما يمكن اعتبارها امتدادا لإبداعه الذي بدأه في لوحته "نساء الجزائر". لكنّ الألوان هنا اخفّ وأكثر تعبيريةً. وضربات الفرشاة تبدو عصبية، لدرجة أنها تشعل السطح بأكمله. المشهد أيضا يذكّر ببعض لوحات روبنز وبمناظر الحرب التي استوحى منها الشاعر الانجليزيّ اللورد بايرون قصائده.
وربّما يكون ديلاكروا قد أحبّ في رواية ايفانهو فكرة العنف التي كانت تروق للرومانتيكيين عادة. ومن الواضح أن ما كان يهمّه في المقام الأوّل هو النوعية الغرائبية للقصّة.
العديد من النقّاد المعاصرين للرسّام امتدحوا تلقائية اللوحة وقوّتها الكامنة وتناغم ألوانها. وهناك أيضا تفاصيل أخرى تلفت الانتباه، كالنار المنطلقة من عقالها والجواد الأشهب الجميل وتفاصيل الملابس.
غير أن النقّاد المحافظين آنذاك هاجموا اللوحة لنقص الرسم فيها والفراغات غير المتناسقة ولانتهاك الرسّام للقواعد الكلاسيكية. ديلاكروا نفسه كان يدرك عيوب هذه اللوحة جيّدا، لكنه رغب في التضحية بكلّ شيء من اجل أن يخلق تأثيرا دراميّا. لكن ممّا لا شكّ فيه أن اللوحة لا تفتقر للفخامة والجمال.
اللون نفسه يبدو مندمجا في نسيج اللوحة لدرجة انه يتحوّل إلى روح. وأنت تنظر إلى الألوان، قد تلاحظ أنها تتحوّل وتتدرّج من الخفيف إلى القاتم وبالعكس وكأنّها تتنفّس في داخل المشهد.
كان ديلاكروا يقول إن القيمة الأولى للوحة هي أن تكون مبهجة للعين. وكان ينظر إلى قلب الإنسان كمنطقة قاسية ومضطربة. والبشر والحيوانات التي كان يرسمها تبدو وكأنها تتبادل الأدوار في ما بينها. وهذا التعقيد والمزج بين التطرّف والمحافظة كان سمة للرسّامين الفرنسيين الكبار من القرن التاسع عشر.
كان ديلاكروا أوّل رسّام فرنسيّ مهمّ لا يزور ايطاليا، وبدلا من ذلك ذهب إلى المغرب. وباختياره ذاك أحدثَ تطوّرا في الرسم الفرنسيّ، إذ ابتعد عن الكلاسيكية وفضّل أن يهتمّ أكثر باللون والحركة.
وعندما وصل إلى المغرب كتب يقول: الإغريق والرومان وجدتهم عند عتبة بابي. إنهم العرب الذين يلفّون أنفسهم بالعباءات البيضاء ويبدون بملامح كاتو وبروتوس". رحلته إلى شمال أفريقيا بدأت عام 1832، وقد وجد هناك سماوات مفتوحة وعواطف متوقّدة وحياة ذات نمط قديم، وغيّر ذلك حياته كلّها جذريّا.
قضى ديلاكروا بقيّة حياته محاولا استيعاب تجربته المشرقية. وعندما عاد إلى فرنسا، عكف على رسم الموتيفات الشرقية التي رآها في رحلته وأذهلت مجتمع باريس.
بعض أهم أعمال الفنّان كُلّف برسمها كي تزيّن جدران وأسقف بعض مباني باريس العامّة. وأشهر لوحاته مثل "الحرّية تقود الشعب" و"موت ساردانابالوس" و"نساء الجزائر" تُعتبر اليوم من ايقونات الرسم الفرنسيّ ونادرا ما تغادر أراضي فرنسا لتُعرض خارجها.
كان ديلاكروا عاشقا للأدب والفنّ. والكثير من أعماله مستوحى من أعمال أدباء مثل شكسبير وغوته وغيرهما. كما رسم عددا من البورتريهات لشخصيّات معروفة مثل الموسيقيّ الايطاليّ نيكولا باغانيني والموسيقيّ البولنديّ فريدريك شوبان والأديبة الفرنسية جورج صاند التي بقيت في محترفه حتى وفاته عام 1863.
كان ديلاكروا يرى أن الأشياء إن لم تكشف عن معناها على الفور فليست لها قيمة". ومع ذلك، فإن هذا الوصف لا ينطبق على مناظر الدراما الإنسانية التي كان يرسمها، إذ يلزمك أحيانا نظر طويل حتى تكتشفها وتلمّ بتفاصيلها.
شطآن البحار التي كان يصوّرها تبدو تدريجيّا منذرة بالخطر كما لو أنها هاوية العالم. وميدان المعركة يصبح محيطا اخضر. ويقال أن أحدا لم يرسم غموض البحر وروعته بمثل ما فعل ديلاكروا. بحره يمكن أن يكون رمزا لفنّه: جامح، قويّ وعنيف، لكن مسيطَر عليه بطريقة غامضة.
ترك كارافاجيو أثرا كبيرا على فنّ الباروك بأسلوبه الخاصّ والمبتكر الذي يتميّز بالإضاءة والحركة والدراما والتوتّر والفخامة.
كان الفنّانون قبل كارافاجيو يرسمون مناظر دينية مثالية، وذلك بإضافة هالات إلى الأشخاص أو ملائكة تطير في الهواء وتفاصيل من عوالم أخرى.
أما كارافاجيو فقد أصرّ على أن يتعامل مع القصص الدينية بشكل مختلف وذلك بتركيزه على الواقع والجسد والانفعال.
في هذه اللوحة، يصوّر الرسّام قصّة دينية وردت في الكتب القديمة عن قدّيس يُدعى سول كان مشهورا باضطهاده للمسيحيين. وسول هذا هو الذي سيتحوّل في ما بعد إلى بولس الرسول أحد كتبة الإنجيل.
تذكر القصّة أن سول كان فرّيسا وكان يعيش في مدينة القدس بعد صلب المسيح. وقد أقسم على أن يبيد جميع المسيحيين الجدد. ثم جاءته أوامر من كبار الكهنة بالذهاب إلى دمشق والتعامل بشدّة مع أتباع المسيح فيها.
لكن مفاجأة حدثت له في الطريق بالقرب من دمشق، إذ فوجئ – بحسب القصّة - بضوء قويّ يأتي من السماء ويُسقطه عن ظهر حصانه. ثم سمع صوت المسيح يقول له: لماذا تضطهدني؟!" وأثناء تخبّطه، اكتشف سول انه لم يعد يرى. ثم جاءه الصوت مرّة ثانية يقول له: الآن انهض واذهب إلى دمشق وسأخبرك ما الذي ستفعله هناك".
وكارافاجيو يرسم لحظة السقوط تلك من على ظهر الحصان والفوضى التي رافقت ذلك. والرسّام يختار لهذه الدراما خلفية مظلمة لكي يركّز اهتمام الناظر على تلك اللحظات المثيرة التي مرّ بها سول المتمدّد على الأرض في ذهول وصدمة. ويُفترَض انه رأى المسيح في تلك اللحظة التي أعماه فيها النور القادم من السماء.
والضوء يضرب الحصان ويسقط على سول المتمدّد على الأرض والرافع يديه والمغمض عينيه بينما سيفه وخوذته ملقيان على الأرض.
ووسط هذه المعمعة هناك أقدام كثيرة. الخادم المرتبك والذي لا يظهر منه سوى رأسه وقدماه يحاول الإمساك برسن الحصان لمنعه من دوس سول.
الحصان يحتلّ معظم مساحة اللوحة، وهو يثير إحساسا بالتوتّر يعمّقه رفعه لأحد حافريه في الهواء كما لو انه يريد تحاشي أن يخطو فوق صاحبه. ونظرات الحصان تبدو متعاطفة، بينما نصفه في الظلمة ونصفه الآخر في الضوء. والرمزية هنا واضحة، وفيها إيحاء برحلة سول من الظلام إلى النور أو من الكفر إلى الإيمان.
بحسب القصّة، فإن هذه الحادثة كانت إيذانا بالتحوّل الروحيّ الذي سيطرأ على سول فيتحوّل بعد قليل من كونه مضطهِدا للمسيحيين إلى قدّيس يحمل اسم بولس الرسول. ووضع سول المثير للشفقة يوحي بأن ما نراه هو ولادة روحية جديدة.
وعلى الرغم من أن هذه الصورة لا تشبه أيّ صورة أخرى، إلا أنها برأي الكثيرين اقلّ لوحات كارافاجيو حيوية ودراماتيكية.
تقول القصّة أن سول بقي أعمى ثلاثة أيّام امتنع خلالها من تناول أيّ طعام أو شراب. وعندما وصل إلى دمشق، كان المسيح قد ظهر لرجل صالح فيها يُدعى انايناس وأمره بأن يقابل سول. ورغم انه كان خائفا من الأخير بسبب سمعته السيّئة كقاتل بلا رحمة للمسيحيين، إلا انه قابله في النهاية. وأثناء اللقاء استردّ سول بصره ثم تحوّل إلى بولس الذي تذكر الأدبيات المسيحية أنه أسهم إسهاما كبيرا في نشر المسيحية.
استخدم كارافاجيو في اللوحة تقنية الكياروسكورو، أي توظيف الضوء والظلّ، لتركيز الأنظار على مناطق معيّنة في الصورة. وهذا الأسلوب أصبح علامة مميّزة له ومصدر إلهام لأجيال عديدة من الرسّامين الذين أتوا بعده.
المعروف أن هذه القصّة استهوت العديد من الفنّانين الذين صوّروها، ومن أهمّهم لوكا جوردانو و غويدو ريني و آدم الزهايمر وغيرهم.
بسبب رحلة بولس تلك، أصبحت عبارة "تحوّل في الطريق إلى دمشق" شائعة في اللغة. وتُستخدم عادة لتعكس تغيّرا كبيرا أو أساسيّا ومفاجئا في حياة شخص ما بسبب لحظة واحدة. وأحيانا تُستخدم العبارة لتعني النقطة التي يحدث فيها تغيير دراماتيكيّ ودائم في أفكار ومعتقدات شخص ما بسبب تدخّل إعجازيّ وخارق للعادة.
لوحات كارافاجيو الدينية اعتُبرت دائما أفضل ما في روما من فنّ. كان أسلوبه يروق للكنيسة والكهنة. ولسوء الحظ أدّى مزاجه العنيف لأن يفرض على نفسه المنفى في السنوات الأخيرة من حياته. ورغم موته في سنّ الثامنة والثلاثين، إلا أن الكارافاجيوية عاشت طويلا بعده وتأثّر بها معظم رسّامي عصر الباروك.
هذه اللوحة هي إحدى لوحتين أمر برسمهما المونسنيور الايطاليّ سيراسي، وزير خزانة البابا كليمنت الثامن، كي تزيّنا كنيسة ماريّا ديل بوبولو في روما.
وكلا اللوحتين ما تزالان في مكانهما إلى اليوم مع لوحات أخرى لرافائيل وكاراتشي وبيرنيني. لكن مقارنةً بلوحات هؤلاء الثلاثة، تبدو لوحة كارافاجيو حديثة جدّا من حيث الشكل والمضمون

وما كرّس ذلك الاتجاه أكثر هو إقبال الناس وقتها على دراسة واستعادة حياة وتراث الرومان الأقدمين الذين كانت أعرافهم لاجتماعية تنحو باتجاه إخضاع النساء لإرادة الرجال ومنحنهنّ القليل جدّا من الحقوق.
لكن هذا لم يمنع ظهور بعض النساء المبدعات اللاتي اضطررن لاستخدام أسماء ذكورية لكي لا يُتّهمن بمصادمة العرف الاجتماعيّ، والقليل منهنّ تمكنّ من انتزاع بعض الحقوق والتمتّع باستقلالية نسبية.
ومن بين هؤلاء الرسّامة انجيليكا كوفمان التي ولدت لأب كان يعمل رسّاما محترفا، وقد علّمها منذ صغرها أصول الرسم. كان عمرها ستّة عشر عاما عندما أخذها والدها معه إلى النمسا وايطاليا وألمانيا حيث زارت العديد من المتاحف واستنسخت أعمال بعض كبار الرسّامين، كي تطوّر مهاراتها وتوسّع معرفتها بأساليب الرسم وطرقه المبتكرة.
وفي ايطاليا، انتظمت الرسّامة في أكاديمية فلورنسا للتصميم وكانت تتردّد على متحف اوفيتزي المشهور لتقليد الأعمال الفنّية الموجودة فيه.
كما توفّرت لها فرصة الالتقاء بعالم الآثار الألمانيّ المشهور يوهان فينكلمان الذي أمدّها بدروس مهمّة في علم المنظور وظّفتها في ما بعد في رسم أعمالها. وهناك أيضا قابلت الرسّام الأمريكيّ بنجامين ويست الذي كان يزور روما في ذلك الحين.
كانت كوفمان مهتمّة بالأفكار الجمالية للحركة النيوكلاسيكية التي كانت تركّز على الدقّة التاريخية والتأثير المسرحيّ وتوظيف الآثار في الأدب والرسم. وكان لتلك الحركة تأثير كبير على الرسم والنحت والمعمار والأدب في أوربّا القرن الثامن عشر.
في ذلك الوقت، بدأ المثقّفون والمتنوّرون يعيدون اكتشاف تراثهم القديم كما تجسّده حضارات وآثار اليونان القديمة. وكان الرسم والنحت وسيطين مفضّلين في إيصال رسائل أخلاقية من خلال توظيف الرمز والأسطورة.
عندما كانت كوفمان صغيرة، كانت تفكّر في ما الذي تريد أن تكونه عندما تكبر. كانت وقتها قد بدأت ترسم وكان لديها في الوقت نفسه شغف بالموسيقى والغناء.
تردّدها وحيرتها في أيّ الفرعين تختار، الرسم أو الموسيقى، دفع والدها لأخذها إلى احد أصدقائه لاستشارته في الأمر. وقد نصحها ذلك الصديق بأن تختار الموسيقى على أساس أنها مهنة سهلة ومتاحة للنساء، بينما الرسم حرفة صعبة ولا يمتهنها سوى الرجال عادة.
والرسّامة في هذه اللوحة تصوّر حيرتها تلك وكيف أنها فضّلت في نهاية الأمر الرسم على الموسيقى. وقد استلهمت في اللوحة قصّة البطل الأسطوريّ هيروكليس الذي كان هو الآخر محتارا بين الشهرة أو الترف.
وتَظهر الرسّامة في الصورة وهي واقفة بين امرأتين، الأولى إلى اليمين ترمز للرسم والأخرى إلى اليسار ترمز للموسيقى. وعليها أن تختار الذهاب مع إحداهما.
المرأة التي ترمز للموسيقى ترتدي فستانا احمر وتمسك بيدها نوتة موسيقية. أما التي ترمز للرسم فترتدي فستانا ازرق وأمامها رقعة رسم وألوان. كما أنها تنظر إلى الرسّامة وتشير بيدها إلى معبد يقوم على تلّة قريبة، في إشارة - ربّما - إلى المجد الذي ينتظرها إن هي اختارت الرسم.
كانت هوفمان تعرف أن الرسم سيكون مهمّة صعبة وغير مناسبة لها كامرأة، لأنها باختياره تكون قد اقتحمت منطقة تخصّ الرجال. ومع ذلك قرّرت أن لا تقيّد حياتها بجنسها.
في اللوحة، تظهر وهي تعطي يدها للمرأة إلى اليمين وتميل بجسدها نحوها، بينما تشدّ على يد المرأة الأخرى في ما يشبه إيماءة الوداع. وعلى الرغم من أنها كانت عازفة موهوبة على أكثر من آلة موسيقية، إلا أنها تقرّر أخيرا أن تودّع الحياة السهلة للموسيقى وأن تتبع الحياة الصعبة للرسم.
بدأت هوفمان الرسم في مرحلة مبكّرة من عمرها واستمرّت ترسم حتى الأشهر الأخيرة قبل وفاتها. وخلال سنوات حياتها الطويلة أنتجت مئات اللوحات وأصبحت رسّامة مشهورة في عصرها، وتناولت في صورها مواضيع أسطورية وتاريخية وأدبية بأساليب القرن الثامن عشر.
وقد نجحت كرسّامة واستطاعت تخطّي أعراف المجتمع الذكوريّ، وذلك بفضل تشجيع والدها لها وصداقتها لبعض المشاهير في زمانها مثل الرسّام جوشوا رينولدز الذي ربطته بها علاقة طويلة، بالإضافة إلى الفيلسوف الألمانيّ يوهان غوته الذي التقته في روما أثناء زيارته الإيطالية المشهورة.
ولدت انجيليكا كوفمان في سويسرا عام 1741 لأبوين كاثوليكيين متديّنين. وبعد وفاة والدتها وهي صغيرة، سافرت مع والدها في أرجاء عديدة من أوربّا. وقد انتهى بها المطاف في انجلترا التي قضت فيها سنوات عدّة، وفيها أسهمت مع آخرين في تأسيس الأكاديمية الملكية في لندن.
وبعد عودتها إلى روما استمرّت ترسم، ومن بين لوحاتها التي رسمتها آنذاك لوحة تصوّر موت دافنشي. كما أقامت لها صالونا كان يحضره بعض المشاهير الذين كانوا يأتون إلى ايطاليا زائرين.
وعندما توفّيت في عام 1807، أقيمت لها جنازة كبيرة أشرف عليها النحّات المشهور انطونيو كانوفا الذي كان معروفا، هو أيضا، بفنّه النيوكلاسيكيّ وبأعماله المنفّذة ببراعة وإتقان. ولوحات الرسّامة موجودة اليوم في أشهر المتاحف الأوربّية والأمريكية.
عمان - استضاف قسم هندسة العمارة بجامعة البترا طلاب من مدارس عمان مختلفة على مدار ثلاثة أيام وذلك من خلال عدد من ورش العمل لنادي "الإبداع الصيفي" المجاني، ضمن مساهمات الجامعة بتطوير مهارات المجتمع المحلي وزيادة الوعي الثقافي لدى الجيل الناشئ، بالإضافة إلى التعريف بتخصصات كلية العمارة والتصميم المختلفة من خلال برنامج كامل وشامل على مدار ثلاثة أيام.
ونظمت كلية العمارة أربعة ورش ضمن فعاليات النادي الصيفي تضمنت تقديم تعريف بتخصصات كلية العمارة والتصميم وفقرات ترفيهية بين أروقة الجامعة المختلفة، وزيارة إلى مختبر الليزر والطابعة ثلاثية الأبعاد وتم التوضيح للطلاب مراحل بناء مجسم وتحويل التصاميم ثنائية الأبعاد إلى تصاميم ثلاثية الأبعاد.
بالإضافة إلى ورش تدريبية لتعليم الطلاب مجالات مختلفة من الرسم اليدوي الحر، ومسابقة لأفضل تصميم لفواكه الصيف وسلم رئيس قسم هندسة العمارة الدكتور ياسر أبو هاشم والدكتورة هدير ميرزه والدكتور طارق الريماوي والدكتور عامر الجوخدار شهادات المشاركة على الطلاب المشاركين في احتفالية الختام.
وتكون فريق العمل المشارك في تنظيم الورشة وأعداد فعالياتها من المهندسين ومساعدي البحث والتدريس المهندسة روان خطاب والمهندسة نعمات الديسي والمهندسة سارة أبو سعود والمهندسة بتول القرارعة، والمهندسة شذا قطيط والمهندسة ياسمين السعودي.
يموج مجتمعنا الانساني المعاصر بأمواج متلاطمة من ثقافة العنف الذي يأخذ اشكال متعددة وخرج من رحمها الارهاب والتنظيمات الدولية المختلفة، وقد تستطيع الدول مكافحة ارهاب هذه المنظمات الدولية بصعوبة بالغة.
وقد يستعصي على الدول مواجهة اشكال العنف المتنامي في المجتمعات خاصة وانه عنف مجتمعي يترجمه سلوك الافراد وبعض الجماعات ومتشرب من السلوك المجتمعي الخاطئ في التنشئة الاسرية وفكر تسلط الكبير على الصغير والقوي على الضعيف مما أوجد ظاهرة التنمر، والفهم الخاطئ للقوة.
فهذه الظاهرة العدوانية تجتاح العالم شرقا وغربا وتتنامى بفعل تأثير القرية الكونية التي يمارس فيها العنف الاليكتروني والفكري والبدني والنفسي ايضا، رغم اننا جميعا نخرج من رحم أمهاتنا كائنات شفافة طاهرة بريئة حتى يتولى الابوان تربيتا ومن ثم المجتمع المحيط ، فنمتص كالاسفنجة كل ما في البيئة الاسرية والاجتماعية من اشراقات او ظلمات.
ومع طغيان المادية والثقافة الاستهلاكية في عالمنا المعاصر زادت احتياجات هذا العصر، فبات لا يرضى الانسان بالقليل ويسعى لتطوير قدراته المادية بأية وسيلة، وانشغل الابوان في تحقيق ذواتهما مهنيا وماديا ولم يبق لديهما الوقت الكافي للاسترخاء والهدوء النفسي، وحملا بضغوط عصبية ونفسية شديدة نتيجة انهماكها في معترك الحياة والنجاح فيها وسط قسوة وقهر مجتمعات الاعمال.
والنتيجة ان الابوين يفرغان طاقتهما المشحونة بالغضب والارهاق النفسي على صغارهما، ويتعاملان معهم بالعنف السلوكي الفوقي بين الاوامر والنواهي الغليظة دونما استخدام طاقة الحب السحرية في التربية او الرحمة في الازمات، ونتاجا لذلك يكتسب الطفل ثقافة العنف والعند كرد فعل للغلظة التي يصادفها اما في مجتمع الاسرة او مجتمع المدرسة او المحيط الاجتماعي الذي يستقوي فيه الكبير على الصغير.
وقبل ان يشب الطفل عن الطوق يجد ان الثقافة المجتمعية تكرس كلها لمعطيات العنف والعدوان، وهو ما يتجلى في بعض افلام الكارتون والالعاب الاليكترونية المميتة، ناهيك عن الدراما التليفزيونية التي يتابعها الطفل مع ذويه او الافلام التي تفيض مشاهدها بالاجرام والعدوان.
مما ادى الى سوء التربية فتجد الاطفال بلا حب او رحمه او تهذيب فاستسهلوا ردود الأفعال الغير لائقه و تمادوا على أنفسهم بل اعتدوا على غيرهم بالألفاظ و الأفعال من همز و لمز و معايرة و تجريح فتفشت ظاهرة التنمر و اصبحت نوعا من المرح و المزاح و إظهار القوة ظنا منهم ان القوي يتهكم على غيره الا ان الواقع غير ذلك فعلم النفس يؤكد ان الشخص الصحي من الناحية النفسيه لا يمكن ان يؤذي الآخرين بكلامه و افعاله و ان الشعور بالنقص و الدونيه هو الذي يقود الناس للتهكم و السخرية من الآخرين سواء جادين او بحجة المزح و الدعابة
وهذا يؤكد ان التنمر ظاهرة اجتماعية سريعة الانتشار، تقع داخل الاسرة والمدرسة والعمل، ومن ثم فهي تحتاج الى تضافر مجتمعي وطني ودولي لمكافحتها كما تتعاون الدول في مكافحة الارهاب بانواعه، خاصة وان قد تسبب في تدمير الافراد والمجمعات، ومن أمثلة ذلك ان بعض الطلاب في المدراس الامريكية قد بلغ العنف والتنمر في صفوفهم مبلغ حمل احدهم السلاح ليقتل زملائه بالمدرسة.
تعريف التنمر ومخاطره
يعرف التنمر بوصفه سلوكا عدوانيا متكررا يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً، جسديا أو نفسيا من أجل اكتساب السلطة على حساب شخص آخر. وقد ينطلق التنمر من مجموعة قوية ضد مجموعة أضعف لتهديدها وتخويفها وفرض السيطرة عليها.
يأخذ التنمر أشكالا مباشرة متعددة منها الاساءة الجسدية مثل الضرب والركل وشد الشعر والعض والخدش، والنفسي، وقد يعتمد علي التنابز بالألقاب، أو الإساءات اللفظية كالسب أو كلمات السخرية المكتوبة، وكذلك الايذاء النفسي والاجتماعي من خلال الاستبعاد من النشاطات ومن المناسبات الاجتماعية ودفع الضحية الى العزلة الاجتماعية من خلال تجريحه بالنقد الدائم في ملبسه او عجزه او زيادة وزنه، وكذلك اطلاق الشائعات حوله.
ويؤدي تعرض الطفل للتنمر الى مشاكل نفسية واجتماعية خطيرة، ويمكن للاسر ان تتعرف عليها في سلوك ابنائها، ومنها: تراجع المستوى الدراسي وعدم قدرته على الحفاظ على ادواته المدرسية بضياعها أو تلفها، وميل الطفل للانطواء والوحدة وتجنب الاحتكاك بأقرانه وبالمجتمع، بجانب شعوره بالتوتر عند الذهاب لأماكن تجمعه بالناس مثل المدرسة، وظهور بعص الكدمات بجسده، وحدوث خلل في نظامه الغذائي ونومه. وقد يكتسب الطفل الضحية عادات ممقوته مثل الكذب او السرقة او الميل الى السلوك العدواني، وشعوره بالاكتئاب نتيجة الضغط النفسي الذي يقع عليه نتيجة التنمر.
وهكذا يقود التنمر الى كوراث اجتماعية ومرضية وقد تفضي الى الموت، وذلك حسبما ما ذكرت "موناى أومور " الحاصلة على الدكتوراه في مركز مكافحة التنمر، كلية ترينيتي في دبلن، أن هناك هيكل نامي من الأبحاث توضح أن الأفراد، سواء كانوا أطفال أو بالغين والذين يتعرضون باستمرار للسلوك التعسفي، يكونون معرضين لخطر الأمراض المتعلقة بالضغط النفسي والتي من الممكن في بعض الأحيان أن تؤدي إلى الانتحار.
فضحايا التنمر قد يعانون من مشاكل عاطفية وسلوكية على المدى الطويل نتيجة ما قد يسببه التنمر من شعور بالوحدة، الاكتئاب القلق، كما يؤدي ايضا إلى تدني تقدير الذات، وزيادة التعرض للمرض.
هذه الاخطار أكدت عليها أيضا دراسة كندية حديثة، اوضحت أن المراهقين الذين عانوا تنمرا ومضايقات من أقرانهم أثناء فترة الطفولة قد يكونون أكثر ميلا للاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية ممن لم يقعوا ضحية لمثل هذا السلوك.
وأظهرت الدراسة أن المراهقين الذين عانوا من ترويع أقرانهم في الصغر أكثر عرضة بمرتين للاكتئاب وبثلاث مرات للقلق أو الأفكار الانتحارية بالمقارنة بالأطفال الذين لم يواجهوا تنمرا في الصغر.
في السياق نفسه كشف تقرير صادر عن المخابرات الأمريكية عام 2002 ، عن أن التنمر لعب دورا هاما في اطلاق النار في العديد من المدارس، وينبغي بذل الجهود للقضاء على هذا السلوك العدواني.
ورصدت الدراسات المتخصصة في هذا المجال وجود رابط قوي بين التنمر ووقوع حوادث الانتحار سنويا، ويقدر أن ما بين 15 و 25 طفلا ينتحرون سنويا في بريطانيا وحدها، لأنهم يتعرضون للمضايقات.
تشير البحوث إلى أن المتنمرين البالغين يكون لهم شخصيات استبدادية، مع حاجتهم القوية للسيطرة أو الهيمنة.
وكشفت بعض الدراسات عن أن المتنمرين يعانون من أي نقص في تقدير الذات، أو يكونون متكبرين ونرجسيين، وقد يستخدم التنمر كوسيلة لإخفاء العار أو القلق أو لتعزيز احترام الذات عن طريق إهانة الآخرين.
والعام الماضي 2018 ، كشفت إحصائيات حديثة لليونسكو أن ربع مليار طفل في المدارس يتعرضون للتنمر في المدارس من إجمالي مليار طفل يدرسون حول العالم.
وأجريت الدراسة على 19 دولة، وأسفرت نتائجها عن نسب مذهلة منها أن 34% من الطلاب تعرضوا للمعاملة القاسية و أن 8% منهم يتعرضون للبلطجة يوميا.
وأوصت الدراسة بضرورة معالجة العنف المدرسي والبلطجة، كما أوصت بإشراك الأطفال والمراهقين وبناء قدرات المعلمين وإنشاء نظم إعداد التقارير لتحسين جمع البيانات والأدلة
ويواجه عدد من الأطفال ظاهرة التنمر بكل أشكالها النفسية والجسدية، بعضهم سجل موقفه ورفض ما سلط عليه من تنمر عبر إعلام المدرسين والآباء في حين استسلم آخرون لهذه المعاناة وأصيبوا بحالة من الاكتئاب والحزن.
التنمر عربيا
وفي مصر ترتفع نسب الاطفال الذين يتعرضون للتنمر من زملائهم في المدارس وما حولها من بيئة الي 70% من الأطفال في مصر حسبما ذكرت هالة أبو خطوة، مدير قسم الإعلام في مكتب اليونيسيف بمصر، التابع للمنظمة العالمية للأمم المتحدة الطفولة.
وكشفت د. مها المنيف الرئيس التنفيذي لبرنامج الامان الاسري الوطني بالسعودية عن ان 25 %من المراهقين يتعرضون للتنمر، بينما عكست دراسة لمركز الامان الاسري حول "مدى انتشار العنف وسوء معاملة الاطفال في المدارس ان " 47 % من أطفال المدارس يتعرضون للتنمر، وهو ما يعني ان طفلا او اثنين من كل اربعة اطفال يتعرضون للتنمر.
وكشفت جامعة زايد، خلال حملة توعوية حول «التنمر في المدارس»، بمناسبة يوم الطفل الإماراتي، عن أن نسبة الطلبة الذين يتعرضون للمضايقات كل شهر في دولة الإمارات، تبلغ 31%، وهي أعلى قليلاً من المتوسط الدولي.
وتصل نسبة التنمر في بعض المدراس اللبنانية نسبة 23.9 وفق دراسة حديثة نشرت في احدي المجلة العلمية وشلمت 330 طالباً من ثلاث مدارس في محافظة بيروت.
اما العراق فحصل على اعلى نسب تنمر نسبيا و اعتقد ان السبب في تغير ثقافة المجتمع بسبب الحروب و النزاعات الطائفية و العرقية فعدم الاستقرار الأمني له اثار على بناء شخصية الطفل و شعوره بالامان الداخلي و الرضا مما يجعله ساخطا على كل من حوله و عدم تحقيق الذات يلعب دورا بارزا من وجهة نظري في تبني شعور السخط على كل من حوله اضافة الى الفوضى التي تجعله يشعر بعدم وجود العقاب و اعتقد ان بعض النكات و الفكاهة أدت الى تعزيز فكرة التنمر و تسهيلها على الجاني بحجة الضحك و اللهو فكثرة التنمر يقلل من الشعور مع الآخرين و يقسي القلب و قد لمست هذا بنفسي عندما حاولت مراقبة احوال أفراد و مجموعات من مختلف الشرائح و اكتشفت ان التنمر و المعايرة يقابل بصدر رحب (صوريا فقط ) في المجتمع العراقي مما ادى الى صلافة التعامل بين التلاميذ و استخدام العبارات الجارحة و كأنها لا شيء يذكر
اما في الاْردن فقد لمست من مشاهداتي و زياراتي للكثير من المدارس و المكتبات و تجمعات الاطفال و حتى من شكاوى أهالي الاطفال لي مباشرة بما يعانيه أطفالهم من تنمر يخص احيانا اختيارهم للملابس او وزن الطفل او الفتيات في سن المراهقة عندما تعاني من ظهور حب الشباب و ايضا من يستخدم النظارات الطبية فيتعمد زملائهم التعليق الجارح علو هذه الامور اضافة للتعليق الساخر على مستوى ذكاء الطفل او تحصيله الدراسي كما يحصل احيانا من قبل المعلمات انفسهم ليس فقط الطلاب
ان التنمر ظاهرة انتشرت بين الاطفال بعضهم بعضا او التنمر من قبل بالغ نحو صغير مثلا اهله أو مدرساته
و ايضا التنمر من قبل طفل لم يتعلم الادب و الاحساس مع الآخرين فيتنمر هو على والدته او احد أقاربه او مدرساته اَي من قبل طفل لبالغ او التنمر بين البالغين بعضهم بعضا
يتصيد المتنمر نقط ضعف في الضحية سواء كان منتبها لها ام متعايش معها و يبدا اتخاذها وسيلة لتحقير الشخص بدرجات و وسائل مختلفه مثل ضعف بدني او مشكله نفسيه او إعاقة جسدية او صفات شكلية و خلافها
انواع التنمر
برز مفهموم التنمر مطلع الالفية عندما التفت المجتمع الانساني اليه مؤخرا وهذا لا يعني انه لم يكن موجودا في الامم السابقة، لكن بات اكثر حضورا مع انتشار لغة العنف في البيت والمدرسة والعمل.
والتنمر في المدارس بلغ خطورته ان اطلق الطلبة بعض الاعيرة النارية في احدى المدراس الامريكية ليلفت المجتمع وأجهزته الاعلامية لظاهرة التنمر، خاصة بعد التحقيقات التي قام بها جهاز الخدمة السرية بالولايات المتحدة، وأوضحت أن أكثر من ثلثي المهاجمين في حوادث إطلاق النار في المدرسة، قد شعروا بالاضطهاد والمضايقات والتهديدات والاعتداءات، أو تم جرحهم من قبل الآخرين قبل الحادث.
ولكن قبل التنمر كان التنمر الاسري موجودا في قهر واستقواء كثير من الازواج علي زوجاتهم او العكس وهو ما تشربه الصغار من سلوك عدواني داخل مؤسسة الاسرة، وكذلك التنمر الوظيفي الذي يمارساه بعض المديريين بحق الموظفين وما يدفع بعض الموظفين للعنف كرد فعل مساوي لتنمر المدير.
وهناك التنمر الإلكتروني، وهو منتشر في صفوف المراهقين والشباب المدمنين لوسائل التواصل الاجتماعي، فهم كثيرا ما يتعرضون لهجوم لفظي أو التسلط عليهم وحجر آرائهم، بل وإرسال التهديدات بإيذائه وإيذاء أحد أفراد أسرته عند احتدام الاختلاف بينهم، عن طريق انشاء مدونات لترهيب الضحايا على مستوى العالم.
ويوجد أيضا التنمّر العرقي، وهو التنمّر على عرق أو دين أو لون أو جنس الشخص الآخر، وقد يصل هذا النوع في خطورته الى حدّ القتل.
تفسير علماء النفس
تعددت تفسيرات علماء النفس للسلوك العدواني والتنمر، وفق المدراس المختلفة. فالنظرية السلوكية تنظر الى سلوك التنمر على انه سلوك تتعلمه العضوية، فاذا ضرب الولد شقيقه مثلا وحصل على ما يريد، فانه سوف يكرر سلوكه العدواني هذا مرة أخرى لكي يحقق هدفا جديدا.
فالسلوك العدواني متعلم اجتماعيا عن طريق ملاحظة الاطفال نماذج العدوان عند والديهم ومدرسيهم واصدقائهم وافلام التلفزيون وفي القصص التي يقرؤونها كما ان لاساليب التنشئة الاجتماعية دورا كبيرا كما في توجيهات الوالدين نحو عدوانية اطفالهم، ومشاهدة الاطفال للنماذج العدوانية في وسائل الاعلام، بجانب نزعة التقليد لدى الطفل تنمي لديه العدوان المكتسب.
ثم يقومون بتقليدها، وتزيد احتمالية ممارستهم للعدوان اذا توفرت لهم الفرص لذلك. فاذا عوقب الطفل على السلوك المقلد فانه لا يميل الى تقليده في المرات اللاحقة، أما اذا كوفئ عليه فسوف يزداد عدد مرات تقليده لهذا السلوك العدواني.
أما نظرية الاحباط والعدوان، فعتقد أن الاحباط ينتج دافعا عدوانيا يستثير سلوك ايذاء الاخرين وأن هذا الدافع ينخفض تدريجيا بعد الحاق الأذى بالشخص الاخر حيث تسمى هذه العملية بالتنفيس أو التفريغ لأن الاحباط يسبب الغضب والشعور بالظلم ما يجعل الفرد مهيأ للقيام بالعدوان.
بينما تركز النظرية الانسانية، فترجع سلوك التنمرالى عدم اشباع الطفل او المراهق للحاجات البيولوجيه من مأكل ومشرب وحاجات أساسية أخرى، قد ينجم عن ذلك عدم شعور بالأمن، وعدم الشعور بالامن يؤدي الى ضعف الانتماء الى جماعة الأقران والرفاق، ما قد يؤدي الى تدن في تقدير الذات، مما يؤدي الى التعبير عن ذلك بأساليب عدوانية، مثل سلوك التنمر.
ولكن الدراسات الحديثة، التي أجريت على آلاف الأشخاص المتنمّرين، كدراسات المركز الوطني للوقاية من التنمّر في الولايات المتحدة، ومركز مكافحة التنمر في بريطانيا، تشير إلى أن الأطفال والمراهقين المتنمرين هم أشخاص لديهم خلل في فهم القوة والسلطة، أنهم يتعرّضون للتخويف والإهانة في المنزل أو في المدرسة، ولدى معظمهم تقدير ذات مرتفع، ورفض شديد لأن يتعرّضوا للاعتداء، وعادة ما يكون لديهم شعور بالاستحقاق والتفوّق على الآخرين، ويفتقرون إلى التعاطف، ولديهم رغبة شديدة في السيطرة على الأمور والآخرين، كما أن لديهم نقصاً في المهارات الاجتماعية.
و قد لاحظت بنفسي ان احد الطلاب في المدرسة عادة يحاول لفت نظر اقرانه بانه قوي و مسيطر و يتعامل مع باقي الطلاب و كأنه فتوة المدرسة على غرار الأفلام او شيخ الحارة و يحاول كسر شوكة زملائه للخضوع له حتى يتسيد (الصف ) (الفصل) او حتى (الشلة) و يكون بنظر نفسه القائد العظيم ظنا منه ان القيادة بهذه الطريقة تجلب له السلطة و التميز و يصبح الجميع تحت أمره و هذا من وجهة نظري عبارة عن تراكم مفاهيم مغلوطة عن الحق و العدالة و مواصفات القائد و القدوة الحسنة
كنّا ان السياسة لعبت دورا في إقناع الاطفال بشخصية البطل فكلما كان اكثر قسوة و اجراما تنعته الصحافة المغرضة بالبطل و العظيم
من هنا يقع على عاتق وسائل الإعلام تصحيح مقاييسها للشخص الذي يستحق التمجيد ليكون نوموذجا يحتذى به بدلا من البلطجة الظالمة القاسية
و يجب ان لا ننسى دور افلام الكرتون الرسوم المتحركة في ترسيخ بعض القيم الباطلة
نقاط مشتركة
هناك نقاط مشتركة تجمع الجاني والضحية كما اكتشفها الباحثون ابرزها كلا من المتنمرين وضحايا التنمّر، يعانون من ضعف في مهارات التواصل الاجتماعي، ويتعرّضون للتخويف في المنزل أو عدم الاحترام في منازلهم، وهذا يعني مسئولية الأسرة عن نشأة الاضطرابات السلوكية والنفسية لدى الأبناء.
وان سلم الطفل من التخويف داخل الاسرة، فانه يتعرض له داخل المدرسة وهنا يلتقى الجاني والضحية في القصور التربوي والنفسي الصحي داخل المدارس، وفشل سياسيات تقويم السلوك المتبعة ، وهو وقد يدفع بعض ضحايا التنمّر الى التسرب من المدرسة خوفا لما يتعرّضون له، كما يعاني الضحايا من فقدان الثقة بالنفس، ما قد يجعلهم ضحايا للتنمّر والعنف، فيتقبلون دوره طيلة حياتهم بالمدراس .
الوقاية خير من العلاج
من السهل جدا تجنب كوراث تعرض الاطفال للتنمر ، عملا بمبدأ الوقاية خير من العلاج
أولا بنشر الوعي داخل مؤسسة الاسرة سواء عبر برامج اعلامية بالتنمر ومظاهره ومخاطره والاسباب المؤدية ناه كما يمكن نشر الوعي بهذه الظاهرة في خطبة الجمعة بالمساجد ، وفي مواعظ الاحد بالكنائس، بجانب نشر الوعي بها في المدارس عير تخصيص حصص لها يلقى فيها بعض المختصين محاضرات مبسطة وميسرة للطلاب للتعريف بالظاهرة ومخاطرة وكيفية تجنبها وحماية الافراد والمجتمع منها . و برأيي ان اهم نقطة هي محاولة الام و الاب تعليم الطفل مراعاة شعور الآخرين و تنيمة الانسانية بداخله و حب الناس و حب الخير و ان الله بنتظر الى الضمير الذي بداخلنا فكيف نؤذي الناس بجرح مشاعرهم و النقطة الأهم هي تقبل الاخر كما هو عليه و ان يعلم الطفل و البالغ ان الناس مختلفة الاشكال مختلفة الطباع انا ليس انت و انت ليس انا و هذا لا يعني اني أفضل منك او انت أفضل مني يجب ام افتخر بنفسي و ان احبك كما انت لانك اخي بالإنسانية و لأنك شخص مختلف و الاختلاف لا يعني انه عيب او نقص و يجب ان نعلم الاطفال ان الله لا يعطي كل شيء فمن حرمه نعمه أعطاه مقابلها نعمة اخرى ربما انت لا تملكها . الثقة بالنفس و خب الناس و تقبلهم مفتاح وقف التنمر و من ثم العقاب فمن امن العقاب اساء الادب
اللبنة الاولي والتعاون
لاشك ان اللبنة في سلامة الافراد والمجتمع من التنمر تبدأ من الاسرة التي يجب ان تكون واعية تماما بضرورة طفولة آمنة للصغار ، وان يتبادل الابوان أدوار القوة داخل البيت ، مع حرصهما على تطبيق العدل بين الابناء وتوزيع مشاعر الحب والتواصل والحوار معهم بدرجات متكافئة ، وان توفر الاسرة للطفل حاضنة من الامان النفسي بما يتيح له ان يبدي رأيه في اي شئ داخل مملكته الاسرية دون خوف او رهبة .
ان يتوقف الابوان عن تعنيف الصغار تعنيفا قاسيا يقهرهم من الداخل ، وان يسعيان الى تربيتهم باللين والحنان وعدم الاسراف في العقاب اللفظي او البدني على الطفل ، وان يكون العقاب متناسبا مع حجم الخطأ الذي ارتكبه حتى لا يكرره بعنف او ينفس عنه بعنف موازي
فالابوان يجب ان يكتسبا فن مهارة التعامل مع الصغار بشكل صحي يشعرهم بالحب والقبول والرحمة وان مشاعرهم محل تقدير واهتمام وهو ما يعزز ثقة الطفل في نفسه خاصة مع حرص الابوان علي تنمية مهارات الطفل الاجتماعية بالانشطة الرياضة والادبية والفنية .
مع وعي ضرورة وعي الابوين بمنع صغارهم من مشاهدة العنف عبر التلفاز وافلام الكارتون العنيفة ، مع أهمية تدريب الأطفال على رياضات الدفاع عن النفس وتعزيز قدرتهم في مواجهة العدوانية اذا ما تعرضوا للتنمر باعتباره ذلك وسيلة للدفاع ول يس للاعتداء على الاخرين.
و ان يكون الأبوين قدوة حسنة فلا يتنمر الاب على زوجته و ينتقدنا و يجرح مشاعرها معايرا لها بوزنها او شكلها او اَهلها و يتوقع من اطفاله ان يكونوا أصحاء فلا يمكن ان تقوم سلوك طفل او حتى بالغ الا بالأفعال فمهما تكلمت فلن يؤخذ الا بأفعالك
ويأتي دور المدرسة في تعزيز قيم الاحترام المتبادل بين الطلاب وتكريس الانشطة الفنية والرياضية الجماعية التي تحبب في العمل الجماعي ، بجانب منع التمييز بين الطلاب في قاعات الدرس الا للمتفوق ليكون حافزا لغيره علي المنافسة العلمية الشريفة
يظل على الاخصائية الاجتماعية دور مهم جدا في احتواء مشكلات الطلاب بذكاء وتحويل سلوك كل من المتنمر والضحية الى سلوك صحي بحوافز دراسية كالرحلات وخلق صحبة أمنة داخل المدرسة.
ويجب على المؤسسات الاجتماعية والنفسية والاعلامية والثقافية ان تشترك معا في وضع خطط لبرامج عملية لتوعية الأولاد من مخاطر التنمّر وخطورته وسبل الحماية منه، وبرامج أخرى لتوعية االضحايا ومساعدتهم على مواجهة التنمر وتشجيعهم على الخروج من حالات الانهزامية وتقوية ثقتهم بأنفسهم ودفعم لاستشعار مناطق قوتهم الداخلية واستنفارها كسلاح في مواجهة حالات التنمر .
المزيد من المقالات...
- فنانون سمبوزيوم " القاهرة عمان يفتحون نوافذ اللون على العالم
- سمبوزيوم بنك القاهرة عمان الدولي للفنون التشكيلي– الدورة الخامسة ينطلق في عمان الثلاثاء القادم
- ندوة حول معرض "حوار الحروف".. لغة الجمال والتاريخ في جاليري رؤى32 للفنون
- الفيلم التشيكي "حفل رجال الإطفاء"
- اعلان فعاليات جرش 2019
- النيابة العامة تضع يدها على مسلسل جن
- بلقيس وجمهور "جازان" يتألقان في تبادل أنواع الفرح بتفاعل منقطع النظير
- حفل توزيع الجوائز مسابقة بنك القاهرة عمان لرسومات الأطفال بالتعاون مع فبريانو
- تعيين مدير عام جديد للهيئة الملكية الأردنية للأفلام
- اكتشاف صادم عن دافنشي!
الصفحة 40 من 91